التنمية البشرية

تعرفي على وهم المعرفة أسبابه و حلوله

محتويات المقال

 

وهم المعرفة

ظاهرة وهم المعرفة ظاهرة تشتيت فكري عميقة منتشرة جدا في الأوساط الحالية خاصة الفئات الشبابية مع انتشار الأنترنت و تعدد المصادر و المواقع .

السبب الرئيسي :

نقص الإلمام بالظاهرة و أسبابها و نتائجها و كذلك فإن الكثير من الشباب و الفتيات لا يهمهم بالضرورة صحة المعلومات التي يقرأونها بقدر ما يهمهم الإنتهاء من البحث و الذهاب لمشاهدة سلسلة أو أكل الكعك أو لعب الشطرنج مع الأصدقاء

لذلك تعالي معا نتعرف عن ماهية هذه الظاهرة و نعطيك بعض النصائح لتكتشفي كيف نتجنبها أو على الأقل نقلل منها .

تعريف هذه الظاهرة :

الوهم المعرفي أو وهم المعرفة أو وهم الثقافة :و هي أن يقتنع الإنسان بأنه يمتلك معرفة حقيقية و ثقافة قوية في مجال ما كالتاريخ مثلا أو الصحة و غيرهما

فيكون عندها واثقا بشدة من ذلك و إن حادثته قد يعطيك حججا على معرفته و إلمامه بالأمر لكنها لا تكون حقيقية ..

هو في الواقع لا يمتلك معرفة أو تأسيس ثقافي ممنهج بل يمتلك مجموعة معلومات متناثرة غير متناسقة و قد يكون غالبا واقعا ضحية لبعض المغالطات في فهمه للأمر او إنبهاره بالكم القليل الذي يمتلكه من أفكار تخص الموضوع

و الأهم انه لا يمكن أن يشارك بها في خدمة ذلك المجال ، بل و حتى يمكن أن تسبب له فوضى داخل تفكيره و يضيع في عدة مجالات أخرى و يصبح دائما مشتت فكريا و معرفيا .

لماذا أصبح وهم المعرفة منتشر بكثرة حاليا ؟!

1 – لأن المعلومات موجودة في كل مكان دون أي تقصي لمعرفة صحتها من خطإها , مواقع التواصل ، دورات ، مقالات ، ويكيبيديا ، مواقع ويب ، كتب ، حقيقية و كتب محشية بالفراغ ( للأسف تلقى رواجا كبيرا ) ، الأفلام ، المسلسلات ، التلفزة ، الإعلام ، و الكثير الكثير من مصادر معلوماتية لدرجة تؤدي بالإنسان لأن يصبح لا يعلم من أين بالظبط ينتقي معلوماته ، باحتصار سيفقد بوصلته في البحث .

2 – كذلك من أكبر الأسباب و هو التعليب ! تعليب المعلومات ، كل شيئ جاهز بمجرد كبسة زر يمكنك أن تأخذ المعلومة بل تنسخ لها الأبحاث و تستخرجها بسهولة تامة لن يتطلب منك الأمر  إستعمال السيالة حتى ، بالتالي تفقد القدرة على التفكير النقدي الذي هو مهم جدا في التحصيل المعرفي و التعلم خاصة إذا كان الشخص مراهقا لا يدرك بعد الأمور مثل شخص عاقل …

3 – زيادة على كل ما سبق عدم وجود قواعد منهجية يعرف بها الإنسان مصادر المعرفة الحقيقية ، يعني أنه لا يمتلك تلك الآلة التي يميز بهاا المصدر الحقيقي من المصدر المزيف فيختلط معه الصالح بالطالح .

4- الدلع المعرفي , يعني أن الإنسان العصري لا يحب بتاتا أن يتعب و يزعج نفسه  ليبحث بحثا حقيقيا و يصل للجواب فقد أصبح كسولا بحكم السرعة العصرية و كثرة الأزرار التي تحضر له ما يطلب في جزء من الثانية .

5 –  بعد الأجيال المعاصرة عن القراءة ! و إذا قرأوا لا يتقنون الإستفادة من ذلك ،نعم فحتى القراءة فن ! يتطلب جهدا حتى تعرف كيف تختار كتبك التي تقرأها و كيف تستهلكها بطريقة إنتاجية في الفكر الذي تتبناه .

الحل للحد و الإنقاص من هذه الظاهرة و الوقوع فيها :

1- القراءة و المطالعة :

عليك أن تعود و تواظب على القراءة كما كان يفعل أسلافنا في السابق عند غياب الأنترنت ، و أن تبحث عن طرق عملية للقراءة بشكل أكثر جودة و أكثر إستفادة كالبحث عن أنواع و أساليب مختلفة للمطالعة و مهارات التلخيص و كتابة مراجعات يمكنك أن ترجع إليها إضافة لتسجيل الإستنتاجات المركزية الخاصة بك بعد كل حصة مطالعة حتى يمكنك أن تحتفظ بها و ترجع إليها أحيانا لتنشيط الذاكرة و إعمال العقل .

 

2- لا تتقبل فورا أي معلومة تأتي في الطريق:

ذلك لأن نسبة كبيرة من المعلومات التي تستقبلها عند تصفح مواقع التواصل الإجتماعية تكون إما خاطئة أو غير مؤكدة مئة بالمئة لذلك يجب أن تتذكر دائما عند الجلوس أمام معلومات كثيرة أنه من الممكن جدا لأي معلومة أن تكون خاطئة بل من غير الممكن أن يكون كل ما تقرأ هناك صحيحا ، مع ضرورة أن تتأكد إذا أردت إنتقاء شيئ ما من على الصفحات .

3- تعلم التحري عن المعلومات :

ذلك بأن تتعلم التمييز بين المصادر الصحيحة الموثوقة عالميا من الخاطئة تلك التي همها الوحيد جمع المشاهدات و تعلم كيفية التفريق بينهما ، يمكن ذلك بكتابة مجموعة  مصادر موثوقة مثلا و وضعها جانبا و تستعملها عند الحاجة ( مواقع على سبيل المثال أو صفحات حقيقية )

4- إنفض الكسل و تجنب الإتكالية :

عندما تحتاج معلومة ما قم بإجراء بحث عنها و ليس فقط نسخها من المواقع ؛ إتعب من أجل نيلها بكل إتقان قدر الإمكان .

5- طور مهارات التفكير النقدي:

ذلك من خلال الإستعانة بأناس عندهم خبرة حقيقية و ليس أيا كان يأتي و يتكلم لك في مجال لا يخصه ! .. خاصة أن اليوم أصبحت الدورات المزيفة التي هدفها المال فقط منتشرة بشدة .

6- إبحث عن المنهجية الصحيحة للمعرفة:

في أي مجال تتطرق له ، يعني قبل أن تبدأ في نقل المعلومات مباشرة ، إبحث عن خطة صحيحة تمشي عليها في البحث أو التعلم في المجال الذي تريده أو تسعى له ، لكي تكون لديك في الأخير قاعدة ثقافية غنية و ثابتة يمكنك بكل ثقة أن تعتمد عليها عند الحاجة و إفادة غيرك معك أن كان ضروريا .

7- نظف المحتوى الذي تتابعه على المواقع :

على أنستاغرام أو فايسبوك أو غيرهما ينبغي من فترة لأخرى التخلص من المحتوى الفارغ الغير مفيد و الذي لا تشعر بأنه سيعود عليك بالمنفعة ، ثم تابع صفحات مفيدة تستحق نظرك و طاقتك الفكرية ، تفاعل معها لكي يظهر لك كل جديد و بالتالي تقل فرص تلقيك لمعلومات خاطئة لأن خوارزميات المواقع تعطيك بقدر و نوع المحتوى الذي تتفاعل معه ، يجب التنويه هنا إلى أن عدد اللايكات و المتابعين في الصفحات التي تتابعها لا علاقة له بجودة المحتوى بالضرورة رغم أهميته … للأسف كثير من الصفحات و المواقع التي تصنع محتوى حقيقي موثوق تكون غالبا مختفية أو غير معروفة !

و أخيرا : لا تقل أبدا أنك وصلت أو نجحت ! في التعلم لا يوجد كلمة ” وصلت ” ، فكلما تتعلم تشعر بجهل أكثر ! و يجب علينا دائما أن نسعى لتطوير مهاراتنا الفكرية و العملية مع التعلم و القراءة و البحث عن المعرفة في مجالات نحبها و نرتاح فيها، يبقى إصرارنا على النجاح هو المحرك الذي يقودنا للتعلم أكثر ، فكما يقول شكسبير: الجاهل يعتقد نفسه حكيمًا، أمّا الحكيم فهو من يعرف بأنّه أحمق … و كذلك من روائع الشعر العربي نختم مقالتنا هذه بما يمكن أن يكون له علاقة بموضوع اليوم ، كلمات للصحابي الجليل علي إبن أبي طالب يقول فيها :

العلمُ زين فكُن للعلمِ مُكتسبًا
وكُن له طالبًا ما عشتَ مُقتبِسا

اركنْ إليه وثقْ بالله واغنَ به
وكُن حليمًا رزينَ العقلِ مُحترسا

وكُن فتًى ماسكًا محْضَ التقى ورعًا
للدِّين مُغتنمًا للعلم مُفترسا

فمَن تخلَّق بالآداب ظلَّ بها
رئيسَ قومٍ إذا ما فارق الرؤسَا

دمتم في رعاية الله و حفضه

الكاتبة : هاجر عزوقي .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى